استمع إلى تلاوة مباركة

Powered By Blogger

عدد الزوار

free counters

أهلا وسهلا ومرحبا بكم في صفحة أبناء السلفية

بسم الله الرحمن الرحيم



الحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء وإمام المرسلين نبينا وقدوتنا محمد بن عبد الله الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين ومن سار على نهجهم إلى يوم الدين، وبعد



فإن الجامعة السلفية ببنارس الهند من أهم وأكبر الجامعات السلفية في الهند، وقد تخرج فيها منذ إنشائهاعام 1383هـ-1963م إلى الآن عدد كبير،توجه معظمهم بعد التخرج إلى العمل في مجال التعليم والدعوة والإرشاد والإفتاء في شبه القارة الهندية وفي بعض دول الخليج، كما ولي بعضهم المناصب القيادية في الجهات الرسمية والأهلية، ووفق بعضهم للحصول على المنح الدراسية من إحدى جامعات المملكة العربية السعودية - حرسها الله وحفظها من كيد الكائدين ومكر الماكرين وأبقاها ذخرا لأهل السنة والأثر وللإسلام والمسلمين -، فواصلوا وما زالوا يواصلون مسيرتهم العلمية في المملكة في المراحل الجامعية، وفي الدراسات العليا في التخصصات الشرعية المختلفة، ولهم جهود مشكورة في خدمة الإسلام والمسلمين، نسأل الله أن يتقبل جهودهم ويوفقهم المزيد، و يثبتنا جميعاً بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، ويرزقنا الإخلاص في القول والعمل، إنه سميع مجيب.



ومن المجالات الحديثة لنشر الثقافة الإسلامية والعقائد السلفية وعلوم الكتاب والسنة بفهم سلفنا الصالح رضوان الله عليهم أجمعين، مجال الشبكة العنكبوتية التي احتلت الصدارة في العصر الحديث في وسائل الإعلام المختلفة، فكان لزاماً على المشتغلين في مجال الدعوة والتعليم التوجه إلى هذا الجانب والاستفادة منه في خدمة الدين الحنيف ونشر الخير في أرجاء البلاد.



فمن هنا جاءت فكرة إنشاء هذه المدونة الالكترونية لأبناء الجامعة السلفية، لتتواصل جهودهم الدعوية على نطاق أوسع وبارتباط بعضهم ببعض، حتى تؤتي ثمارها المرجوة بكل جدارة.



فإن هذه المدونة تفتح أبوابها وترحب بكل حفاوة كل من يريد إبلاغ رسالته الدعوية إلى الآخرين، فإنها طالما أنشئت لغرض الدعوة والتعليم تقبل المقالات الدعوية، والبحوث العلمية، وحصائل مطالعة الكتب، وفوائد لغوية، ونكت بلاغية، وطرف مستجادة وما إلى ذلك بما فيه نفع للإسلام والمسلمين بشرط أن لا يخرج ما ذكر من المواضيع من منهج السلف الصالح، ولا يقدح في عقيدتهم ولا تمس بكرامتها.



فإننا نرحب بكم جميعا مرة أخرى على صفحتكم صفحة أبناء السلفية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بكم ودمتم في رعاية الله.



وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.



والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

बिस्मिल्ला हिर्रह्मनिर रहीम
अबनाए सलफिया के ब्लॉग पर आप का स्वागत है. ये ब्लॉग उनकी गतिविधि तथा उनकी तालीमी सर्गर्मियों के बारे में एक दुसरे को औगत करने के लिए है. आप की इस ब्लॉग के बारे में किया राय है . उम्मीद है की आप को पसंद आया होगा. हमें आप की राय का इन्तिज़ार रहेगा. धन्यवाद .


بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 29 يونيو 2012

من هم السلف؟ وما المراد بالسلفية؟

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرح العقيدة الواسطية وهو يشرح قول شيخ الإسلام: "أماّ بعد؛ فهذا اعتقاد الفرقة الناجية المنصورة إلى قيام الساعة؛ أهل السنة والجماعة".
قال رحمه الله:شرح:"أما بعد": (أما) هذه نائبة عن اسم شرط وفعله، التقدير: مهما يكن من شيء، قال ابن مالك:أما كمهما يك من شيء وفا ... لتلو تلوها وجوباً ألفافقولهم: أما بعد: التقدير: مهما يكن من شيء بعد هذا، فهذا.وعليه، فالفاء هنا رابطة للجواب والجملة بعدها في محل جزم جواب الشرط، ويحتمل عندي أن تكون: "أما بعد، فهذا"، أي أن (أما) حرف شرط وتفصيل أو حرف شرط فقط مجرد عن التفصيل، والتقدير: أما بعد ذكر هذا، فأنا أذكر كذا وكذا. ولا حاجة أن نقدر فعل شرط، ونقول: إن (أما) حرف ناب مناب الجملة."فهذا اعتقاد": "فهذا": الإشارة لابد أن تكون إلى شيء موجود، أنا عندما أقول: هذا، فأنا أشير إلى شيء محسوس ظاهر، وهنا المؤلف كتب الخطبة قبل الكتاب وقبل أن يبرز الكتاب لعالم الشاهد، فكيف ذلك؟!أقول: إن العلماء يقولون: إن كان المؤلف كتب الكتاب ثم كتب المقدمة والخطبة، فالمشار إليه موجود ومحسوس، ولا فيه إشكال، وإن لم يكن كتبه، فإن المؤلف يشير إلى ما قام في ذهنه عن المعاني التي سيكتبها في هذا الكتاب، وعندي فيه وجه ثالث، وهو أن المؤلف قال هذا باعتبار حال المخاطب، والمخاطب لم يخاطب بذلك إلا بعد أن برز الكتاب وصدر، فكأنه يقول: "فهذا الذي بين يديك كذا وكذا".هذه إذاً ثلاثة أوجه."اعتقاد": افتعال من العقد وهو الربط والشد هذا من حيث التصريف اللغوي، وأما في الاصطلاح عندهم، فهو حكم الذهن الجازم، يقال: اعتقدت كذا، يعنى: جزمت به في قلبي، فهو حكم الذهن الجازم، فإن طابق الواقع، فصحيح، وإن خالف الواقع، ففاسد، فاعتقادنا أن الله إله واحد صحيح، واعتقاد النصارى أن الله ثالث ثلاثة باطل، لأنه مخالف للواقع ووجه ارتباطه بالمعنى اللغوي ظاهر، لأن هذا الذي حكم في قلبه على شيء ما كأنه عقده عليه وشده عليه بحيث لا يتفلت منه.و"الفرقة" بكسر الفاء، بمعنى: الطائفة، قال الله تعالى: {فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ} [التوبة: 122] ، وأما الفرقة بالضم، فهي مأخوذة من الافتراق.و" الناجية": اسم فاعل من نجا، إذا سلم، ناجية في الدنيا من البدع سالمة منها وناجية في الآخرة من النار.ووجه ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة" قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: "من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي"([1]).هذا الحديث يبين لنا معنى (الناجية) ، فمن كان على مثل ما عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وأصحابه، فهو ناج من البدع. و"كلها في النار إلا واحدة": إذا هي ناجية من النار، فالنجاة هنا من البدع في الدنيا، ومن النار في الآخرة." المنصورة إلى قيام الساعة " عبر المؤلف بذلك موافقة للحديث، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين"([2])، والظهور الانتصار، لقوله تعالى: {فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ} [الصف: 14] ، والذي ينصرها هو الله وملائكته والمؤمنون، فهي منصورة إلى قيام الساعة، منصورة من الرب عز وجل، ومن الملائكة، ومن عباده المؤمنين، حتى قد ينصر الإنسان من الجن، ينصره الجن ويرهبون عدوه."إلى قيام الساعة"، أي: إلى يوم القيامة، فهي منصورة إلى قيام الساعة.وهنا يرد إشكال، وهو أن الرسول عليه الصلاة والسلام أخبر بأن الساعة تقوم على شرار الخلق ([3])، وأنه لا تقوم حتى لا يقال:الله الله"([4])، فكيف تجمع بين هذا وبين قوله: "إلى قيام الساعة"؟!والجواب: أن يقال: إن المراد: إلى قرب قيام الساعة، لقوله في الحديث: "حتى يأتي أمر الله"([5])، أو: إلى قيام الساعة، أي: ساعتهم، وهو موتهم، لأن من مات فقد قامت قيامته، لكن الأول أقرب، فهم منصورون إلى قرب قيام الساعة، وإنما لجأنا إلى هذا التأويل لدليل، والتأويل بدليل جائز، لأن الكل من عند الله."أهل السنة والجماعة": أضافهم إلى السنة، لأنهم متمسكون بها، والجماعة، لأنهم مجتمعون عليها.فإن قلت: كيف يقول: "أهل السنة والجماعة"، لأنهم جماعة، فكيف يضاف الشيء إلى نفسه؟!فالجواب: أن الأصل أن كلمة الجماعة بمعنى الاجتماع، فهي اسم مصدر، هذا في الأصل، ثم نقلت من هذا الأصل إلى القوم المجتمعين، وعليه، فيكون معنى أهل السنة والجماعة، أي: أهل السنة والاجتماع، سموا أهل السنة، لأنهم متمسكون بها، لأنهم مجتمعون عليها.ولهذا لم تفترق هذه الفرقة كما افترق أهلا لبدع، نجد أهل البدع، كالجهمية متفرقين، والمعتزلة متفرقين، والروافض متفرقين، وغيرهم من أهل التعطيل متفرقين، لكن هذه الفرقة مجتمعة على الحق، وإن كان قد يحصل بينهم خلاف، لكنه خلاف لا يضر، وهو خلاف لا يضلل أحدهم الآخر به، أي: أن صدورهم تتسع له، وإلاّ، فقد اختلفوا في أشياء مما يتعلق بالعقيدة، مثل: هل رأى النبي صلى الله عليه وسلم ربه بعينه أم لم يره؟ ومثله: هل عذاب القبر على البدن والرواح أو الروح فقط؟ ومثل بعض الأمور يختلفون فيها، لكنها مسائل تعد فرعية بالنسبة للأصول، وليست من الأصول. ثم هم مع ذلك إذا اختلفوا، لا يضلل بعضهم بعضاً، بخلاف أهل البدع.إذاً فهم مجتمعون على السنة، فهم أهل السنة والجماعة.وعلم من كلام المؤلف رحمه الله أنه لا يدخل فيهم من خالفهم في طريقتهم، فالأشاعرة مثلا والماتريدية لا يعدون من أهل السنة والجماعة في هذا الباب، لأنهم مخالفون لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في إجراء صفات الله سبحانه وتعالى على حقيقتها، ولهذا يخطئ من يقول: إن أهل السنة والجماعة ثلاثة: سلفيون، وأشعريون، وماتريديون، فهذا خطأ، نقول: كيف يمكن الجميع أهل سنة وهم مختلفون؟! فماذا بعد الحق إلا الضلال؟! وكيف يكونون أهل سنة وكل واحد يرد على الآخر؟! هذا لا يمكن، إلا إذا أمكن الجمع بين الضدين، فنعم، وإلاّ، فلا شك أن أحدهم وحده هو صاحب السنة، فمن هو؟ ‍ الأشعرية، أم الماتريدية، أم السلفية؟ ‍‍ نقول: من وافق السنة، فهو صاحب السنة ومن خالف السنة، فليس صاحب سنة، فنحن نقول: السلف هم أهل السنة والجماعة، ولا يصدق الوصف على غيرهم أبداً والكلمات تعتبر معانيها لننظر كيف نسمى من خالف السنة أهل سنة؟ ‍ لا يمكن وكيف يمكن أن نقول عن ثلاث طوائف مختلفة: إنهم مجتمعون؟ فأين الاجتماع؟ ‍‍ فأهل السنة والجماعة هم السلف معتقداً، حتى المتأخر إلى يوم القيامة إذا كان على طريقة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فإنه سلفي.المرجع:شرح العقيدة الواسطية للعثيمين (ص: 48-54)


([1]) رواه الترمذي (2641) / كتاب الإيمان/ باب ما جاء في افتراق هذه الأمة. واللالكائي في "شرح السنة" (147) ، والحاكم (1/129) والآجري (15و16) , من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما بإسناد فيه عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي, وهو ضعيف لسؤ حفظه, ولكن للحديث شاهد من أنس رضي الله عنه أخرجه الطبراني في " الضغير" (724) , والعقيلي في "الضعفاء" (2/262) , وبه يرتقي إلى درجة الحسن.([2]) ورد عن جمع من الصحابة رضي الله عنهم, وهو حديث متواتركما نص على ذلك:شيخ الإسلام ابن تيمية في "اقتضاء الصراط" (1/69) , والكتاني في: "نظم المتناثر" (94) , والزبيدي في "لقة اللالئ المتناثرة" (68) , والألباني في "صلاة العيدين" (ص39-40) . أخرجه البخاري/ كتاب المناقب/ باب سؤال المشركين أن يريهم النبي صلى الله عليه وسلم آية، ومسلم/ كتاب الإمارة/ باب قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة....".([3]) رواه مسلم (2949) عن ابن مسعود رضي الله عنه في كتاب الفتن، باب قرب الساعة.([4]) رواه مسلم (148) عن أنس بن مالك رضي الله عنه, في كتاب الإيمان/ باب ذهاب الإيمان في آخر الزمان.([5]) رواه البخاري (7312) , ومسلم (1920).

الثلاثاء، 26 يونيو 2012

وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهْ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهْ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

﴿ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ]آل عمران: ١٠٢[.

﴿ َيا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ ]النساء: ١[.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً{70} يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً{71}﴾ ]الأحزاب: 70-71[.

أما بعد:

فلا تزال قراءتنا متواصلة بفضل الله ومنته سبحانه وتعالى في كتاب التوحيد الذي هو حق على العبيد، وقد وصلت بنا القراءة إلى باب قول الله تعالى: ﴿ وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾ ]المائدة :23[.

السؤال الأول فيما تعلق أو فيما يتعلق بما مضى شرحه وبيانه: ما هو التوكل؟ ومتى يكون شركا أكبر؟ ومتى يكون شركا أصغر؟ وما منزلته من الإيمان؟

فالفقرة الأولى: ما هو التوكل؟ متى أعرف أني توكلت على الله؟ وأن توكلي صحيح؟ كثير من الناس يسمع التوكل ما يعرف هو متوكل على الله أو لا؟ لا بد يتعرف على معنى التوكل ليرى هو محققه في حياته أو لا؟ نعم لا بد أن يعرف ماهية التوكل، الأخ صبري.

المجيب: قطع النظر إلى الأسباب.

الشيخ حفظه الله: أحسنت، لكنه لا يزال التعريف ناقصا، فقط يقطع النظر إلى الأسباب ثم؟

المجيب: كلام غير مسموع.

الشيخ حفظه الله: إي نعم أحسنت، فهكذا يكون التعريف للتوكل كاملا أن تقول: قطع النظر في السباب بعد بذلها والاعتماد بالقلب على رب الأرباب بجلب المصالح ودفع المضار والمفاسد، وصورة ذلك: مثلا: إنسان يريد أن يتوكل على الله فيصطاد غزالا ليأكل ويقتات به. فيوجه البندقة على الغزال، أو على الغزالة ثم يصنع ما تعلمه في قانون القنص: من كتم النفس، وضع اليد على الزناد وموافقة الإشارة البعيدة للقريبة، ثم الضغط إلى آخر حد، ثم حساب ارتداد البندقة.. كلها أسباب هذه. فبعد بذلها يقطع النظر في أن هذا التوجه الذي صنعه والإتقان يحدث الصيد، بل أن يعتقد أو يقطع النظر في هذه الأسباب التي بدلها في قنص تلك الغزالة التي يريد أكلها والاقتيات منها، فيتعلق بالله لأنه هو الذي يرسل هذه الرصاصة إلى قلب تلك الغزال أو بذلها فيطعهما بعد ذلك.

فإذا اعتمد على نفسه خذل، بل يعتمد على الله بقله بعد بذل السبب ويقطع النظر في السب بعد فعله.

فترك الأسباب نقص في العقل، والتعلق بالأسباب شرك، فيقطع النظر في السبب لكن بعد بذله ويتعلق بقلبه على ربنا في جلب الخير ودفع الشر، لأن الرصاصة لو ما أذن الله لها أن تمضي في الهواء وتستقر في قلب الغزال، نعم لما أذن الله لها ما تتحرك، فهو إذن تفويض الأمر لله لعلم الصائد أن الله بيده ملكوت كل شيء، خروج الرصاصة، واستقبالها أو توجهها لقلب الغزال كل ذلك يد الله لا إله إلا هو، فأنت ترى طفلا يقسط من الدور الرابع فلا يصاب بشيء، كما حادث لبعض الأقرباء في دولة مصر، كان مسافرا إلى دولة مصر فيقول: -أنه- ذكرت ذلك اليوم أذكار الصباح والمساء، وأنا أعلمه حي يرزق الآن، وأنا أعرفه، فاصطدم صدمة عنيفة أخرجته من السيارة ربما طيرانا بمقدار -عمارة أو- علو عمارة، فسقط على الأرض لكن اختار له ربنا سبحانه بتوفيقه أن يسقط على رمال، فنجا، كان يمكن يسقط على أي شيء فيتهشم، فنجا.

وآخر يكون حادث أدنى من ذلك فلا يصيبه شيء، فيتوفى بالسكتة القلية خوفا من الحادث مثلا. فالأمر كله بيد الله لا إله إلا هو: ﴿ قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ ]المؤمنون : 88[.

ثم المسألة التي بعدها بعد أن عرفنا حقيقة التوكل، وهو: اعتماد القلب على الله، وأن الإمام أحمد قال: (( التوكل عمل القلب ))، وأن التوكل لا بد فيه من اجتماع أصلين: علم القلب، وعمل القلب، كما سيأتي في الأسئلة. متى يكون شركا أكبر؟ -متى يكون شركا أكبر؟- وكيف تستدل على أن التوكل يمكن أن يكون شركا؟ أن تقول أولا التوكل؟ ها؟

المجيب: الاعتماد على المخلوق في شيء لا يقدر عليه إلا الله.

الشيخ حفظه الله: صحيح، لكن كيف تستدل على أنه شرك بأن تقول أن التوكل؟ ها؟

المجيب: كلام غير مسموع .

الشيخ حفظه الله: إي صحيح، كيف تخرج الشرك؟.

المجيب: كلام غير مسموع .

الشيخ حفظه الله: إي نعم، أي شيء تريد أن تستدل على أنه شرك من العبادات أثبت أولا على أنه عبادة، ثم قل بعد ذلك: فصرف العبادة لغير الله شرك أكبر. أي شيء، مثلا: الخوف، فقل: الخوف عبادة الدليل من الكتاب والسنة، فأثبتنا أن الخوف عبادة بقول ربنا: ﴿ إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ ﴾ ]آل عمران:175[، فالعبادة ما أمر الله بها أمر وجوب أو استحباب، فإذن الخوف عبادة، فصرف الخوف لغير الله، الذي هو ليس الطبيعي، التعبدي الذي يكون سببه اعتقاد أن المَخُوفُ منه فيه صفة مثل صفة الله، كعلم الغيب والضر من غير مباشرة الأسباب، فيكون شركا حينئذ، وكذلك التوكل نثبت أولا أن التوكل عبادة، فإذا أثبتنا بالدليل الشرعي أنه عبادة، فحينئذ صرف هذه العبادة لغير الله شرك، فحينئذ أعمر الفكرة بالأدلة والاستدلال على أن التوكل عبادة فستجد آية الباب وهي قول رب الأرباب: ﴿ قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ ]المؤمنون : 88[، فإذن أمر الله بالتوكل، إذن هو عبادة، وعرفت حقيقته، فصرف هذه العبادة لغير الله شرك أكبر، و-تكون أو- يكون التوكل شركا أكبر -إذا كما ذكروا -إخوانكم- وفقهم الله- بأن يتوكل فيعتمد بقلبه على غير الله في شيء لا يقدر عليه إلا الله، كحال القبوريين المشركين برب العالمين، فإنهم يرجون غير الله ويتوكلون عليه من البدوي والحسين، يقول: أنا ذبحت للبدوي أمس، و-لو يعني- فيحصل في قلبه اعتماد على البدوي أنه يشفي له أو بشفع له عند الله في شفاء مريضته، لأنه أمس ذبح له، فيصبح متعلقا بقبر البدوي أنه يشفع له عند الله، فكلما حصل له خوف يذكر أنه ذبحت له أمس -البدوي- والحمد لله ويطمئن فيرجو البدوي ويقبل عليه بكليته بقلبه، فيعمل عمل المتوكلين على رب العالمين فيكون مشركا في النار من الخالدين إن لم يتب من ذلك، فهذا هو الشرك الأكبر في التوكل.

وإنما توكلت أنت على الله لما؟ لتأملك آيات ربوبية الله سبحانه وقدرته، وكيف خلق السماوات والأرض وكيف أن كل شيء عليه يسيرٌ سبحانه وتعالى: ﴿ قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً ﴾ ]مريم : 20[، سبحان الله يريد أن يخلق سبحانه في بطن مريم غلام من غير أب -لا إله إلا هو- فنظرت هي للأسباب الظاهرة رحمها الله ورضي عنها، نظرت للأسباب الظاهرة: أن الولد يكون من أب وأم، وكون يكون لها ولد وما مسها بشر بالجماع المعروف، وهو اختلاط المائين ﴿ إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ ﴾ ]الإنسان:2[، هذا السبب الظاهر، فكيف يكون لي ولد؟! ﴿قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْراً مَّقْضِيّاً ﴾ ]مريم : 21[، وقال من قبل لزكرياء: ﴿ قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً ﴾ ]مريم : 9[.

فدراستك لهذه الأمور في القرآن وتدبرك له، وأن الله كيف أنبت الولد من غير أم وأب وهو آدم، ومن أم من غير أب: عيسى، وفلق البحر لموسى وجعله يبسا يمشي عليه موسى وينطبق على فرعون، تدابير الله في الكون، هذه التي لا يكون أحد مثله فيها -لا إله إلا هو- تجعلك تفوض الأمر إليه، وتعتقد أن الأمر عليه يسيرٌ، وأنك لو اعتقدت أو اعتمدت على نفسك وُكِّلت إلى نفسك خُذِلْت، فتخاف أن تعتمد على قدراتك في ممارسة أعمالك اليومية الدينية والدنيوية، فإذا قمت تصلي فأنت معتمد بقلبك على الله مفوض الأمر لله أنه ييسر لك الخشوع لأنك تريده وتريد من الله وترجوه أن ييسر لك الخشوع، فتعتمد بقلبك عليه فيُيسَّر لك ﴿ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ ]الطلاق : 3[، تريد أن تشغل السيارة لتذهب إلى وظيفتك، تعمل الأسباب الظاهرة ما هي؟ إدخال المفتاح في السويتش كما يسمونه، إدارته ثم بعد بذل السبب تتعلق بالله لأنه هو الذي يشغل السيارة وهو الذي ينقلك للعمل ليس السبب الذي تتعلق به، فالتعلق بالسبب شرك، -وقطع النظر أو قطع- أو ترك السبب أيضا نقص في العقل، فإذن هكذا يكون التوكل شركا أكبر.

ويكون التوكل -وهو عمل القلب واعتماده- شركا أصغر متى؟ لو توكل - قيل- على الله في شيء يقدر عليه ذلك المخلوق، لو اعتمد أو لو وَكَّلَه لما كان شركا، لكان الأمر طبيعي، أقول أُوَكُِّلك تنجز لي هذه العمارة، يشتري لها والإسمنت و.. لكن اعتمد بقلبه عليه وهو يقدر أن يأتي بالعمال يفوضه في بناء العمارة، ولكن اعتمد بقلبه عليه وتعلق بقلبه عليه في شيء يقدر عليه، تعلق القلب هذا هو الشرك الأصغر في التوكل. ما منزلته من الإيمان؟ الجواب عندكم؟ شرط كما قال بن القيم: (( جعل سبحانه التوكل شرطا في الإيمان )) فدل على انتفاء الإيمان عند انتفاء التوكل.

سبحان الله التوكل أمره خطير! ففي لحظة إذا ما انتبهت لقلبك نعم فقد تقع فيما لا يحمد عقباه فيما يتعلق بالاعتقاد، إذا جئت تقوم بعمل، فاعتمدت على نفسك ووسوس لك الشيطان أنك بقدرتك تستطيع الاستقلال بذلك العمل عن الله، بغير قطع النظر عما عند الله، تقدر بنفسك استقلالا، هذا وقعت في الشرك الأكبر، انتبه! استيقظ! أمر التوكل خطير، فراقب حركة قلبك عند القيام الأعمال، فإذا اعتقدت أنك تستقل أنت بقدرتك في ذلك الفعل خُذِلت أولاً لأنك اتخذت إلها غير الله أو ربا غير الله وهو نفسك، أنك تستقل بالعمل من غير إذْن الله ولا عمل ولا فعل الله، وقد قال تعالى: ﴿ وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ﴾ ]الصافات : 96[، ولذلك خطَّأ أهل العلم القائل من الأطباء عندما يسأله أهل المريض عن العملية التي سيقبل عليها الطبيب وما نسبة نجاحها أو نحو ذلك.. يقول: إحنا نسَوِّي إلي علينا والباقي على الله. فغلطوا هؤلاء في هذه العبارة لأن معناها أن هناك مشاركة، قسمة بين الله وبين عبده - لا إله إلا هو- ، الأمر كله لله فكيف يجعلها قسمة؟! يقول: بالنسبة للجراحة ونحو ذلك فعلي أنا، وبعملي أنا أما بقية الأمور فلله، فينبغي أن -يقول- يصحح عبارته فيقول: سنفعل ما علينا والأمر كله بيد الله، ليس الباقي! لا ما يقسِم يقول الباقي لله وأنا لي كذا، بل الأمر كله لله لقوله تعالى: ﴿ قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ ﴾ ]المؤمنون : 88[ ، ولقوله: ﴿ وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ﴾ ]الصافات : 96[، فليس هذا من كسبه وخلقه، بل هو من توفيق الله له، ولذلك أقول: يخطئ البعض يذهب للطيب النفسي ويشكو له، يقول: يا دكتور أنا ما عندي ثقة في نفسي! والدكتور الجهول يصِف له دواء ولا يصحح له العبارة هذه. أليس النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول: (( يا حيُّ يا قيوم برحمتك أستغيث، فأصلح لي شأني ولا تكِلني إلى نفسي طرفة عين )) ؟! ثقة بالله أن يوفقك، أما أن تستقل بالثقة بنفسك تُخْذل، توكَّل على الله كما قال تعالى: ﴿ وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾ ]المائدة : 23[ - سبحانه وتعالى -.

وقلنا: أن التوكل عمل القلب وعلم القلب، فانتبه لذلك! فأريدكم الآن أن تصفوا لي هذا المعنى، لأن من لا يعرف حقيقة التوكل وانه ليس علم القلب فقط بل عمله أيضا، فغني أعلم لأني لو سألت آحاد الناس -ممن هو في غالب أمره لا يتوكل على الله، يغفل عن التوكل- : التوكل واجب؟ فربما يقول: نعم، يجب أن نتوكل على الله ونفوض أمرنا لله.. إلى آخر ما يقول، ثم تسأله هل عمِل بمقتضى ذلك؟ -هذا الكلام- فالعلم شيء والعمل شيء آخر، نعم فهناك كما قال بن تيمية رحمه الله: (( هناك قوة علمية وقوة عملية ))، الآن تستوقف أي إنسان عاصي قبل أن يتوفاه الله، يحلق لحيته، ويسبل ثوبه، ويسافر للخارج، يقضي سمرات في السينما والمسرحيات، ويستمع ما شاء من الأغاني، ولهو ولعب وغفلة... تستوقفه تسأله عن القوة العلمية، تجد عنده قوة علمية إجمالية. فيقول: الموت حق ، والعصاة يعذبون في قبورهم، هكذا يقول -هو الحليق هذا- والنار وُعِد بها أهل المعصية، والجنة وعد بها أهل الطاعة، دار المتقين. طيب أنت عندك قوة علمية الآن، لكن هل عندك قوة عملية؟ هل عملت بمقتضى هذا العلم من يقين القلب الذي يدفعك للقيام بما أوجبه الله عليك؟ هذا الذي يضعف فيه هؤلاء لأمور تُضعف إيمانهم من الغفلة واللهو والمعصية، وترك مجالس العلم وتدبر القرآن.. وغير ذلك مما يقوي اليقين بالرحمن سبحانه، ولذلك يختلف إنسان كان في غفلة عن حلقات العلم وصار مهتديا إليها، هو يشعر أكثر من رجل ذكر لي هذا، قال: أنا كنت صالح يعني لكن ما كنت أطلب علم، فأصبحت عد حضور حلقات العلم وشهود آيات الله، وسماع الفقه لها وسماع أحاديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، تغيرت حياتي. ليش؟ زاد إيمانه. القوة العملية قويت عنده، أصبح ينفذ، في الأول ما كان ينفذ أمور ينفذ وأمور ما ينفذ -نعم-.

ومقصود الآيات التي أنزلها الرَّحمـٰن أن يعمل ها في الأرض، ما أنزلها لتتلذذ بها الأسماع فقط، أنزلها ليُعمل بها حتى وعد أهل الطاعة فقال: ﴿ وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ ]الأعراف : 43[، تعملون مو تعلمون، تعملون، فلا بد من العمل بمقتضى العلم، وليس فقط العلم فقط، فيكون الواحد من جنس اليهود، سمع حتى أصبح عالما وأثنى عليه الناس، ولكنه لا يعمل بمقتضى هذا العلم الذي أنزله الله.

إذَن التوكل يجمع بين أصلين:

- علم القلب.

- وعمل القلب.

فالآن أذكر لي ما تفهمه من علم القلب وعمل القلب، لأنك درست ذلك في الدرس الذي مضى، وهو مهم أن تعرفه لتتفقه فيه. فما هو علم القلب؟ تعلم إيش؟ .

المجيب: كلام غير مسموع.

الشيخ حفظه الله: فتح الله عليك، تعلم قلبك أيها المتوكل أو المريد للتوكل -فإن التوكل قوة عظيمة يغفل عنها المسلمون- لإنجاز أموك، أن تعلم بيقين أن الله كافيك -سبحانه وتعالى- وكمال قيامه بما وُكِل إليه سبحانه وتعالى، وأن غيره لا يقوم مقامه، نفسك لا تقوم مقام الله في إصلاح أمر دنياك وآخرتك، هذا العلم، تيقن هذا: أنه ما أحد يقوم مقام الله، ترجوه وحده لا ترجو نفسك أنك تفعل بقدراتك ومواهبك، اعتمد على الله لأنه ما يتحرك من جسم في الأرض جمادا أو إنسانا أو حيوانا إلا بإذن الله، وما يسكن إلا بإذن الله، هذا القلب الذي جنب يديك الآن تحركه بإذْن الله، هل تراك مراجع المستشفى منذ أن ولدت كل يوم لشحن قلبك فينبض؟! لا، إذَن من يمده بتلك الكهرباء التي تجعله لو أخرجته إلى عالم الحقيقة من باطنك تجد أنه كأنه في داخله شيطان أو شيء يتحرك هكذا! من يحرِّكه؟! لا عينان، ولا أذنان.. عضلة تتحرك هكذا! سبب حياتك بعد الله، حتى إذا أذِن بالوفاة أسكته، سكته، جمد الدماء في بدنك وتعفنت بدنك وأرسلت للقبور. فهذا الذي يُنبِض قلبك سبعين سنة فيضُخ آلاف اللترات من الدماء من غير صيانة ولا شحن، أليس أهلاً لأن تفوض أمرك إليه؟.

فإذن هذا الاعتقاد وهو يقينك بكفايته وقيامه بما وكل إليه وأن غيره لا يقوم مقامه هذا علم القلب فأيقن بذلك. طيب، عمل القلب؟ قد عرفنا علم القلب وأنه في التوكل لا بد أن يجمع بين أصلين: علم القلب وعمل القلب، بعد أن تعلم هذا وانه لا يقوم أحد مقامه إيش يكون عمل القلب؟ لأنه لا يزال التحرك والعمل في القلب، ما وصل للجوارح، الآن في القلب، حصول هذا عمل القلب، الطمأنينة والتفويض وتسليم الأمر إليه، خلاص انقطع اقطع النظر للأسباب، حصول الطمأنينة هذا عمل القلب، لأن علم القلب أنه قادر على كل شيء ما أحد يقوم مقامه، هذا علمه، لما يطمئن قلبك إلى هذا فعلا وتحقق ذلك هذا يكون عمل القلب فهمتم؟.

فلا بد حينئذ في التوكل أن يجمع بين: علم القلب وعمل القلب، ولذلك تجد أكثر العلماء أو أولى الناس بالتوكل من هم؟ أولى الناس لا شك الرسل، لعلمهم بالله وصفاته - لا إله إلا هو- وربوبيته ثم يأتي بعدهم العلماء الذين يعرفون أسماءه وصفاته ولذلك قال الله تعالى: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء ﴾ ]فاطر : 28[، ثم طلبة العلم، وأبعد الناس عن التوكل الغُفَّل من العوام، الذين لا يحضرون حلقات العلم ولا يعرفون آيات الله في الأرض ولا يتدبرون القرآن،فهم أضعف الناس توكلا، أقل شيء يجزعهم في الحياة، نسأل الله العافية، معرفتك لله وصفاته وربوبيته حينئذ بعد معرفة أن التصرف بيده وأنه يكون كل شيء بيده، فيطمئن فيحصل عمل القلب.

طيب السؤال الذي بعد هذا؟ أو المسألة التي بعد هذه؟ لو أن إنسانا - يعني هذا سؤال موجه إليكم- لو أن إنسانا قال: توكلت على الله ثم فصل بينهما بـ: ثم المفيدة للتراخي ثم عليك، أيصبح أو يقول: توكَّلت على الله وعليك؟

المجيب: كلام غير مسموع.

الشيخ حفظه الله: اصبر، وإيش الذي يصلح؟ توكلت على الله ثم عليك؟ أو توكلت على الله وَ عليك؟ .. ها؟

المجيب: كلام غير مسموع.

الشيخ حفظه الله: ثم عليك، لحظة، ها؟.

المجيب: كلام غير مسموع.

الشيخ حفظه الله: أي نعم.

المجيب: كلام غير مسموع.

الشيخ حفظه الله: أي نعم، كلاهما لا يصلح، لأن التوكل عمل؟.

المجيب: خاص بالله.

الشيخ حفظه الله: القلب، لكن لك أن تلغز أيها المعلم حتى تعرف هل فهمت المسألة ولا لا؟ التوكل كما قال الإمام أحمد: ((عمل القلب)) فلا يصلح أن يكون على غير الله! انتبه!! فهو ذكرناه قبل قليل أن التوكل على غير الله في شيء يقدر عليه ذلك المخلوق شرك، فلا يصلح أن تقول: توكلت على الله ثم عليك، وأشد منها: توكلت على الله ثم عليك، لكن لو قال لمن وكَّلَه في القيام قضائية -محامي- : أنا متوكل على الله ثم مُوَكِّلك بما تستطيع، وكلتك. أما أن تقول: ثم توكلت عليك فلا يصلح، فإذَن: التوكل كما قال الإمام أحمد: ((عمل القلب)) فينبغي أن يكون لله سبحانه وتعالى.

السائل: كلام غير واضح.

الشيخ حفظه الله: طيب الآن نقرأ، ها؟

السائل: فرق بين التوكل كلمة ما شاء الله وشئت.

الشيخ حفظه الله: أي نعم، فرق واضح، لأن المشيئة مشتركة - المشيئة مشتركة- فهناك مشيئة خاصة بالله ومشيئة خاصة بالمخلوق، أما ليس لك توكل إلا على الله، ولذلك لما سمع رجلا يقول: ما شاء الله وشئت يا محمد. أنكر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وقال: (( أجعلتني لله ندا؟! قل: ما شاء الله ثم شئت )). أما في التوكل فيختلف الأمر، فإن التوكل؟

المجيب: خاص.

الشيخ حفظه الله: كله على الله، خاص به، في عمل القلب، فلا يجوز أن يقول: توكلت على الله ثم عليك، ويجوز أن يقول: ما شاء الله ثم شئت.

فما كان خاصا بالله فلا يصلح فيه: ثم، فلا يصلح مثلا في شيء من الأفعال - إنما هو خاص بالله- أن نُعقِبَه بكلمة: ثم، هذا فيما يتعلق بما هو خاص بالله كالتوكل. طيب الآن نقرأ ما تبقى من الآيات بعد أن نعرف حقيقة وإن كانت مرة على بعض الناس لكن هي حقيقة، وهي أنه إذا شكا من قلة التوكل كما أرسل لنا إنسان سائل في الدرس الذي مضى، قال: أشكو من ضعف التوكل، حتى لا أكاد أذكره. فعلاجه: أن تعرف أن قوة التوكل وضعفه يتبع قوة الإيمان وضعفه كما ذكر بن القيم، فحتى تقوِّي توكُّلك على الله قوِّ إيمانك ويقينُك بتدبر القرآن، كما سيأتي معنا: ﴿ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ ]الأنفال : 2[.

فمما يزيد الإيمان واليقين تَدَبُّرُ كلام الله، اجعل المصحف بجانبك في السرير أو في المكتب، كلما فرغت أمسك -آيات الله- أمسك بالمصحف واجعل بجانبك تفسيرا ميسراً، واتْلُ آيات الله واعرف معانيها، فإن ذلك طريق لزيادة إيمانك، بنص -الرَّحمـٰن على ذلك، وإذا زاد إيمانك يقوى توكلك.

كذلك حضور حلقات العلم، -لأنك طال ما- لأنها مباركة، تسمع: قال الله قال الرسول، فيتعلق قلبك بالله ويزيد توكلك عليه.

كذلك العمل بالعلم، كلما سمعت شيئا تعمل به، فيورثك ذلك يقيناً وزيادةً في الإيمان فيقوى توكُّلُك.

وكذلك ترك المنكرات وإن حببت إلى نفسك، حبب إلى نفسك تتنفس تغتاب إنسان، فتذكر -الرَّحمـٰن فتترك غيبته لله فيعوضك الله من نعيم القلب وراحته ما هو أبلغ من تنفسك بغيبتِه، وهكذا.. العمل بالعلم يزيد في الإيمان ويقوي التوكل على -الرَّحمـٰن، كما سيأتي معنا. اقرأ وقوله؟.

الذي يقرأ المتن: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. قال الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب: باب قال تعالى: ﴿ وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾]المائدة : 23[ وقوله: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ ]الأنفال : 2[.

الشيخ حفظه الله: نعم، الشاهد من هذه الآية؟

الذي يقرأ المتن: ﴿ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ ]الأنفال : 2[.

الشيخ حفظه الله: قوله: ﴿ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ ]الأنفال : 2[، فدل ذلك على أن التوكل عبادة وهو من صفات أهل الإيمان، فإذا كان عبادةً فصرفه لغير الله شركٌ أكبر، والآية فيها مسائل:

المسألة الأولى: أن الآية صُدِّرت بقوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا ﴾ التي تفيد القصر والحصر، ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ ﴾ ما هي صفاتهم يا ألله؟ ﴿ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ﴾ ]الأنفال:2[، فهذه الآية تكون؟ فضح، فيها فضح لمن؟ للمنافقين ومن كان فيه صفة المنافقين لأن صفة المنافقين أنه إذا ذكر الله ما يجِل قلبُه، يبقى غافلاً، فقد يكون الإنسان عنده صفات النفاق ولا يكون منافقا، كما قال: ((آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب... )) ومع ذلك ليس منافقا في الباطن، فقد يكون في الإنسان صفة تشبه أهل النفاق ولا يكون في الباطن منافقا، كما قال: ﴿ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى ﴾ ]النساء : 142[، فإذا قام الرجل إلى الصلاة كسلانا فشابه المنافقين، لكن لا يكون في الباطن منافقا أي كافر بالله يدعو غيره. ففيه من صفات المنافقين ما فيه، فهذه الآية فيها فاضحة للمنافقين على كل حال، وبيان لصفتهم.

وفيها ثناء على المؤمنين الموحدين الذين هم على ربهم من المتوكلين، فقال بن عباس في شرح هذه الآية رضي الله عنه، لما علم من الفقه أنه صدرها بالحصر فقال: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ ﴾ ]الأنفال : 2[، قال - يعني-: (( وأما المنافقون لا يدخل في قلوبهم شيء من ذكر الله عند أداء فرائضه، ولا يؤمنون - يعني- أصلا بشيء من آيات الله ولا يتوكلون ولا يصلون إذا غابوا ))، هذه صفة المنافق: إذا وجد في العمل مثلا: يصلي أمام رئيسه، إذا ذهب للبيت نام عن صلاة العصر والظهر.. ما يصلي إلا من أجل من يراه، إي نعم، ولا يصلون إذا غابوا ولا يؤدون زكاة أموالهم، فاخبر الله أنهم ليسوا بمؤمنين.

ثم وصف المؤمنين فقال: ﴿ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ﴾ ]الأنفال : 2[، يعني فأدوا فرائضه، ذكرهم لله يجعلهم يؤدون فرائضه.

وهذا معلوم، لأنك أحيانا تكون في الفراش، وتنسى صلاة العشاء ثم بينما أنت في نعاس وتريد الذهاب للنوم إذ تأتيك الفكرة أنك تراك ما صليت العشاء، كنت في وليمة وقلت: إذا جئت البيت أصلي، وكان الناس بعيدين عن المسجد، المهم جئت إلى البيت ونسيت العشاء، فتجد في نفسك سبحان الله ذكر الله قد لمع في قلبك وبرق، أن الله يعذبك إن تركت صلاة العشاء، فتفزع من السرير وتقوم تتوضأ وتصلي العشاء قبل أن تنام، فهذا دليل على الإيمان، أنه إذا ذكر الله أدَّوا فرائضه، حصل في قلوبهم الخوف من عاقبة ترك صلاة العشاء، أو يكون الفجر ينام، يريد أن ينام في صلاة الفجر، فيذكر ما يعاقبه به لو ترك صلاة الفجر، وأن من ترك صلاة واحدة حتى خرج وقتها فقد برئت منه ذمة الله، أو كما في الحديث، فيفزع إلى الصلاة ويتوضأ قبل أن تطلع الشمس، فأدى فرائضه.

﴿ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً ﴾ ]الأنفال : 2[ ، أي زادتهم إيمانا.

و﴿ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ أي لا يرجون غيره، إذا جاء يسافر يرجوا الله أنه يوصله فقط، يرجوه هو لأنه يعرف أنه من صفاته وأفعاله التي لا تكون عند أحد، فهو يقدر يوصله ويقدر يشفي مريضه، فيتوكل بقلبه عليه، هذه صفة المؤمنين، نعم، يقول سفيان الثوري رحمه الله: (( إذا جاءك التفسير عن مجاهد بن جبر فهو حسبك ))، -قال مجاهد بن جبر تلميذ حبر الأمة عبد الله بن عباس رضي الله عنه - وهذا يدلك على أن العالم إذا رسخ في العلم خرج من عنده طلاب مستفيدون، فهذا مجاهد بن جبر تخرَّج من مدرسة بن عباس رضي الله عنه، فأثني عليه أو أثنى عليه العلماء حتى قال سفيان: (( إذا جاءك التفسير عن مجاهد بن جبر فهو حسبك )) فرحمه الله، قال في قوله: ﴿ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ﴾(( أي فَرَقَتْ ))، والفَرَقُ هو الفزع والخوف، فيحصل خوف وفزع إذا ذكر الله قال سفيان: (( سمعت السدي ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ﴾ ]الأنفال : 2[، هو الرجل يريد أن يظلم أو يهم بمعصية ))، يزني يرتشي يأكل الحرام.. يعني أنه وجد أنه طريق الخلاص أن يفعل هذه المعصية، يغتاب.. يهُم بذلك، فيقال له: اتق الله. فيحصل له وجل بذلك فيترك هذا المنكر. لكن على سبحان الله! عكس المنافق أو ضعيف الإيمان، تقول له: اتق الله وكأنك ما أنذرته أصلا، ما يحصل في قلبه وجل، يقول: خلِّه.

الذي يقرأ المتن: أخذته العزة بالإثم.

الشيخ حفظه الله: إي نعم: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ ﴾]البقرة : 206[، لا يلتفت أصلا. لكن المؤمن يدخل في قلبه خوف إذا قلت له: اتق الله، يقول: هذه حسبي، أستغفر الله ويرجع، فهذا يدل على أن في قلبه وجل، البعض لما تقول له: اتق الله. واللهِ كأنك قلت له شيئا تكميليا، ما يلتفت إليك. يا أخي اتق الله! لا تتكلم، لا تغتاب، يواصل، هذا غفلة! يدل على ضعف إيمانه، ويدل على صفات النفاق أنها قد تشربت في قلبه ربما، لأن المؤمنِ صفتُه إذا ذكر الله قيل له: اتق الله، يحصل في قلبه من الفزع والخوف ما يترك من جرائه المعصية، لأن الله يعلم أن الله يراه ويسمعه: ﴿ أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى ﴾ ]العلق : 14[ - سبحانه - ، قال الأمين الشنقيطي رحمه الله صاحب أضواء البيان: ((ما وُعِظ الناس بموعظة أعظم في القرآن من وصف -الرَّحمـٰن بأنه عليم )) -لا إله إلا هو-.

تتحرك حركة في قلبك تريد أن تسيء الظن بمسلم، وتتحرك تبَعاً لذلك تريد أن تقاطعه، وتعلم أن النبي قال: ((إياكم وسوء الظن فإنه أكذب الحديث))، وقال تعالى: ﴿ اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ ﴾ ]الحجرات : 12[، فالظن حرام، يكتب لك إثم إذا تفاعلت مع ما في قلبك على أخيك من غير قرائن، فتذكر عذاب الله وتذكر ما يخيفك من الله، فتترك هذه المعصية.

لكن عند تركك المعصية انتبه لموضوع الباب هذا، إذا أردت أن تترك الغيبة أو المعصية، كأن تريد أن تشتري سيارة ببيع التأجير المنتهي بالتمليك، أو أي محرم لمع في قلبك أن تصنعه، لمع الهوى في قلبك أن تأتي به، فتوكل على الله في ترك المعصية، لا تتوكل على قُدراتك أنت فتُخذل، توكل أن الله يعينك، ولذلك جمع الله لك بينهما في كل صــلاة -سبحانه وتعالى- ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾]الفاتحة : 5[، ولا إعانة لك إلا بالتوكل.

فأشرف غاية ولا غاية أشرف منها ما هي؟ عبادة الله ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾]الذاريات : 56[، وأعظم وسيلة لتحقيق العبادة والعبودية: التوكل على رب البرية، ولذلك جمع بينهما، وبين لك أنه لا سبيل إلا بهذه الوسيلة وهي غاية العبادة: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾]الفاتحة : 5[، فاعتقادك أنه لا معين لك إلا الله يجعلك تفوض أمرك إليه، فتتوب إليه توبة المتوكل أن يعينك على التوبة، فإذا استقر في نفسك أنك ممكن تتوب وبقدرتك تُخذل. فلا تستطيع التوبةَ، فلا تستطيعها، فلذلك تجد كثيرا من الناس يحسدون أهل الطاعة يغبطونهم يقولون: والله ما نقدر نسوِّي إلي يسونه! بيتهم ما فيه دُش ما فيه قنوات! كيف عايشين ذول؟! وِدِّي أعيش مثلهم. يا أخي تب إلى الله متوكلا عليه ويعينك على التوبة، يعينك سبحانه بالتوكل - لا إله إلا هو- كما هو معلوم قال هذه صفة المؤمن إذا ذكر الله وجِل قلبه، نعم وخاف منه ففعل الأوامر وترك الزواجر، قال تعالى: ﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى{40} فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى{41}﴾ ]النازعات : 40-41[، المقصود ان يكون محركك لترك المعصية خوف الله، هذا المحرك لك، ولا يكون المحرك أمرا آخر في ترك المعصية، لا، خوف الله وابتغاء جنته والحذر من ناره، كذلك لا تحصر أمرك في ترك المعصية في أمر دنيوي، فتجد أن العصاة حقيقة كثي منهم من العامة ممن يخلط يأتي بعمل صالح وآخر فاسد، يسمع الأغاني ويسبل ثوبه ويتكلم بالغيبة في المجلس والنميمة وينظر إلى الحرام ثم يفجؤك بالسؤال: يا شيخ!ما حكم بيع التأجير المنتهي بالتمليك؟! لا إله إلا الله!! والأمور التي تفعلها هذه لماذا لا تسأل عنها؟ وأنت تعرف أنها حرام!! ليش؟ ليش تسأل عن البيع؟ هل يجوز ولا لا؟ وما سألت عن ثوبك هذا الذي يورثك النار إن شاء الواحد القهار، فقال: ((ما جاوز الكعبين ففي النار))، (( والعينان تزني زناها النظر )) وكل يوم تزني بعينيك في القنوات بالنظر للعاهرات الفاسدات الفاسقات الفاجرات، ما الفرق؟ ما الذي جعلك تسأل عن البيع؟ بيع الفلة هذه التي عند هذا البنك بالتقسيط، وبيع التأجير المنتهي بالتمليك هل يجوز أو لا؟ المحرك للأسف دنيوي! ما هو؟ يخاف من شؤم المعصية، يعلم أن الله يوفق أهل الطاعة ويبارك لهم في البيوع، وهو ما يريد في بيته حريق ولاَّ ما يريد انقلاب في سيارته وحوادث.. كل مبلغ علمه أنه يحافظ على الدنيا هذه. طيب الثوب الذي سبلته نار في الآخرة، ونار الآخرة أشد من حادث في الدنيا، فلماذا تسأل عن حادث في الدنيا ببيع التأجير المنتهي بالتمليك؟ تخاف أن تقع لك حادثة بسبب شؤم هذه المعصية معصيتك بشراء السيارة هذه، وما تسال عن الثوب الذي أسبلته!! مع أنه ما جاوز الكعبين فأين؟.

الذي يقرا المتن: في النار.

الشيخ حفظه الله: ففي النار، كما خرجه البخاري من حديث أبي هريرة وقد روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة وغيره أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (( ناركم هذه التي يوقدها بن آدم جزء من سبعين جزءا من النار في الآخرة )) قالوا يا رسول الله: إنها كانت لكافية!.

لو أحدنا دخل في نار التنور الذي يخبز فيه وينضج فيه الخبز كان كافيا في تعذيبه، ستسمع صياحه الذي يمزق قلبك عليه، كما حدثني أناس، قِست ذلك على المقبور في القبر، فآلمني جداً، قال لي في قصة يعني ذكرتني بعذاب القبر، أعوذ بالله منه، قال لي: كنا شبيبة نلعب في البر، نطارد أرنبا، لا إله إلا الله كلما أذَّكَّر هذه القصة يدخل في قلبي شيء -نسأل الله أن يعفو عنا- من تصور عذاب القبر، فقال: أردنا أننا ننضج طعاما لنا -صنعنا- فحفرنا حفرة ووضعنا فيها جمرا ونارا وحطبا.. أو كما ذكر، وغفلوا عن هذه النار والحفرة وأخذوا يطاردون الأرنب، يمنة ويسرة ويلاحقونه، الأرنب هذا الحيوان اللطيف، سقط في تلك الحفرة التي هي ممتلئة نارا، فسمعوا له صياحا قبل أن يموت، يمزق القلب! فجاء في قلبي إشارة وهو يقص علي أخي هذه القصة بعذاب المقبور في النميمة أو البول أو في سرقة الموال بحف، أو في الكلام على الله بغير علم.

أو في زنا العين الذي أدَمن عليه ، ينظر إلى المحرمات ويسمع الأغنيات.. وغير ذلك من المعاصي، لمع في قلبي ذلك فتألمت أو حصل في قلبي رهبة من عذاب القبر. فهذا بهيم ما استطاع أن يعالج النار فصار يصيح حتى الموت، صياحا يمزق الأفئدة، فكيف ونار الآخرة قد فُضِّلت عن نار الدنيا بتسعة وستين جزءا كلها مثل حَرِّهَا! فما أصبرهم على النار؟

﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى{40} فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى{41}﴾ ]النازعات : 40-41[، فهذه المسألة أو هذه إذَن المسألة الأولى قد انتهت في هذه الآية، وهي بيان أن هذه صفة أهل الإيمان وبخلافها صفة أهل النفاق والكفران.

وذكرنا المسألة الثانية وهي: ﴿الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّـهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ﴾ ]الأنفال : 2 [، معنى ذلك قيل: إذا قيل له اتقِّ الله وذُكِّرَ بالله حصل في قلبه الفزع حتى قام بفرائض الله وترك محارمه.

الثالثة: أن من صفات المؤمنين أنهم إذا تليت عليهم آياته سبحانه زادتهم إيمانا، فأما إذا رأى الإنسان نفسه أن آيات الله لا تزيده إيمانا إذا تليت عليه، وأنه كأنه سمع شعرا لإنسان ما يتأثر، فليس فيه صفة الإيمان فلا بد أن تزيده هذه الآيات بعد سماعها من أخيه إيمانا، إذا سمع الإيمان يقرأ في الصلاة تزيده إيمانا، إذا سمع في إذاعة القرآن وهو في عمله قارئا يقرأ تزيده إيمانا، كيف يعرف زيادة الإيمان من نقصه؟ إليك هذا المثال: كان هناك إنسان بينه وبين فتاة علاقة، وكان إذا أراد أن ينام والدها تسور السور وذهب يقابلها، فهو في ضعف إيمان وهو يتسور السور ما كفر بعد، لكن في ضعف إيمان جعله يخون أهلها ويخون الله فيما أمره به ويغدر ويدخل البيت والناس نائمون ويقابل تلك المرأة من غير إذْن أهلها وهو غير ناكح لها شرعا، فقام في ليلة وهو مُتَسَوِّرٌ أو أراد أن يَتَسَوَّرُ في البيت سبحان الله! كان إنسان يقوم الليل فسمع قول الله تعالى: ﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّـهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ ۖ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ ﴾ ]الحديد: 16[، علامة زيادة الإيمان وكان في الأول في ضعف، أنه رجع من السور وترك الحرام هذا الذي كان يفعله وتاب إلى الله، فهذه علامة إيمان أنها زادته فإذن تأثر حتى ترك بعد المنكر بعد سماع الآيات، أو سمه -الرَّحمـٰن- يقول كما في قراءة إمام المسجد مثلا في قول الله تعالى: ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ﴿١5﴾ آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَٰلِكَ مُحْسِنِينَ ﴿١٦﴾ كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ﴿١٧﴾ ]الذاريات: ١٥ – ١٧[ ، بعد ما سمع هذه الآية تأثر صار يقوم الليل، بهذه الآية فقط هذه! فإذاً زادته إيمانا بحيث أن صار عنده قوة عملية للعمل بالعلم بعد سماع الآيات، فهذا من زيادة الإيمان.

من نقصان الإيمان: أن يكون يفعل أشياء مثل قيام الليل وقراءة القرآن قبل النوم والتحفظ منه والتسبيح قبل النوم.. ثم يجلس مع جاره، تجلس الجارة مع جارتها أو الجار مع جاره، يغتاب إنسانا من الجيران في ليلة، ثم يتفرقان على الغيبة ومجلس المنكر، يحس تلك الليلة أنه ما عنده طاقة أنه يقوم الليل، ليش؟ ضعف إيمان هذا، لأنه بالمعصية إيش؟

الذي يقرأ المتن: ضَعُفَ إيمانه.

أحد الحاضرين: نَقَص.

الشيخ حفظه الله: نقص إيمانه بالمعصية فضعُفَ، فالطاقة الإيمانية التي كانت عنده قبل أن يغتاب؟

الذي يقرأ المتن: انخفضت.

الشيخ حفظه الله: انخفضت، فتولَّد عنها أنه ما يستطيع تلك الليلة يقوم الليل، هذا من ضعف الإيمان، فهِمْتُم كيف زيادة الإيمان ونقصانه؟

فإذا أردت أن تطبق هذا وتعرفه فأنظر إذا تُليت عليك آيات الله تتأثر بها؟ فإذا زادتك يقينا وإيمانا فصرت تعمل غير الذي كنت تعمل قبل سماعها، فأنت قد زادتك إيمانا وأنت على صفة الإيمان. من النماذج على ذلك: عمر بن الخطاب كما في صحيح البخاري: قال إنسان: استأذن لي على عمر، أظنه استأذن الحرب بن القيس أو من جلساء عمر فلما دخل على عمر قال: يا عمر! إنك لا تحكم بالعدل وتعطي الجَزْل. فعمر بَشَر هَمَّ به لأنه ظلمه في الكلام، وعمر كان يعدل وكان يعطي ما أمره الله به وهو حاكم عادل، ما عرف بعد النبي وأبي بكر مثله من بعده، فهم به أن يفعل مقتضى الغضب، فتلا إنسان آية من القرآن في المجلس، شوف ها الفرق! فقال: يا أمير المؤمنين إن الله قال:

﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ﴾ ]الأعراف: ١٩٩[، وهذا جاهل يا أمير المؤمنين، قال: (( فما جاوزها عمر وكان وقَّافا عند كتاب الله )) . هكذا الذي يتأثر بكتاب الله والذي تزيده إيمانا آياته سبحانه، ما جاوزها! تعرف أن الغضب له لذة إنفاذ، وخاصة وهو حاكم شرعي عنده جند ويستطيع الأمر بقتله، حاكم! فيمسك بنفسه ولا يقول له كلمة بعدما قال له لا تحكم بالعدل، وظلمه، فهذا معناه أنه رسخ الإيمان في قلب ذلك العالم الجليل والصحابي حتى كان كالجبال، فتأثر بالآية وزادته إيمانا فترك البطش به.

وأنت كذلك، تكون مقبلا على فعل تراه متنفَّسا لك من أمور المعاصي، فإذا أقبلت أو إذا أقبل إنسان على النظر في التلفاز وتقليب النظر فين؟ في وجوه المذيعات المتبرجات، يأتي يبي يفتح القناة فقل له قال الله تعالى: ﴿ قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ﴾ ]النور : 30[، تحدث له شيء في قلبه، فتراه ما يفتح ولا عاد يفتح، هذا معناه: زادته إيمانا وتأثر بكلام -الرَّحمـٰن فما عاد صار ينظر للقنوات، إذَن هذا العمل الفعلي لآيات الله وكيف تزيد العبد.

ومع ذلك ﴿ وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ ]الأنفال : 2[ ، أي يرجون الله لا يرجون غيره. اقرأ: وقوله؟

الذي يقرأ المتن: وقوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّـهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ ]الأنفال : 2[.

الشيخ حفظه الله: هنا العلامة بن تيمية الإمام بحق، حتى أن بعض الناس يخطئ في كلمة إمام كلما شاف واحد مشهور من المصنفين يقول: إمام. وأزعجني هذا جدًّا في بعض المذيعين وبعض المحاضرين، (يجي) للغزالي الذي يقول: (( كلَّف الله العباد ما لا يطيقون )) وأوصى الناس بحرفه بحرق كتبه عفوا، لأنه دخل في الصوفية ودخل في الفلسفة فما استطاع أن يخرج منها، قال الإمام الغزالي صاحب كتاب الإحياء، عياذا بالله! يقول الإمام الغزالي. طيب قال الإمام النووي، النووي أشعري، كان لم يحقق الصفات، وهو أحد أركان أو أحد أصول التوحيد، أصل مستقل وهو توحيد الصفات، فكان يؤول كل الصفات تقريبا ما يكاد يثبت صفة إلا نحو سبعة، كطريقة الأشاعرة. فتوسعوا في كلمة إمام، إمام، إمام.. كل من شُهِر مصنف إمام. يا أخي! الإمام هو الذي يقتدي به في الخير جميعُ الناس يتخذ فيه الخير يؤلف، ولا أريد التعريف، أي في السنة كالإمام أحمد ومالك والأوزاعي.. والأمر نسبي فكل عصر له إمامه إذا كان يُقتدى به في السنة وأحيى التوحيد والسنة عند الناس حتى عرفوا الشرك من السنة، فصار يُقتدى به في السنة في الخير ومنهم بن تيمية يمكن تقول عليه غمام لأنه جدد، محمد بن عبد الوهاب ممكن تقول عليه إمام لأنه جدد، أما تأتي كل إنسان شهر بمصنف إمام!! قال الإمام النووي قال الإمام الغزالي نعوذ بالله! من وضع المراتب لناس لا يستحقونها. قل له قال النووي أو العالم النووي، لكن إمام! أعط حق هذه الكلمة لمن يستحقها. المقصود أنه قال: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّـهُ﴾ ]الأنفال : 64[. قال الإمام بن تيمية رحمه الله في الرد على خِنَّائي: (( معنى هذه الآية: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّـهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ ]الأنفال : 64[ أي: حسبك وحسب من اتبعك من المؤمنين اللهُ )) وليس معناها كما يظن بعض الناس وإنما ما ذكره بن تيمية حقيقة وهو قول جمهور العلماء، وليس كما يقول بعضهم مخطئا: يا أيها النبي حسبك الله وحسبك من اتبعك من المؤمنين، هذا تشريك لله بين الله وبينهم، حسبك الله وحسب من اتبعك من المؤمنين أيضا اللهُ، حسبكم كلكم، وليس حسبك الله ويعينك مع الله من اتبعك من المؤمنين، الله ليس كمثله شيء. فيكفيك هذه الآية في تحقيق التوكل أن الله إذَا قال: ﴿ حَسْبُكَ اللَّـهُ ﴾ أي كافيك. نعم الذي بعدها؟

الذي يقرأ المتن: وقوله: ﴿ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ ]الطلاق: ٣[.

الشيخ حفظه الله: نعم، ﴿ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ ]الطلاق: ٣[، أي كافيه، فمن لم يرجو إلا الله وفوض أمر إلى الله وتعلق به في القيام بمهامه بعد أن بذل السبب، قطع النظر في السبب ((اعقلها)) كما قال: ((وتوكل)) فإن الله يكفيه - لا إله إلا هو- وعد، وأخبر بهذا ﴿ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّـهِ قِيلًا ﴾ ]النساء: ١٢٢[ ، فيسيء الظن حينئذ من يترك التوكل على الله أو يغفل عنه، زاعما أنه يقول ما هناك فائدة كبيرة عياذا بالله! هذا سوء طن بالله، توكل على الله فهو كافيك، بنص هذه الآية. اقرأ: عن بن عباس؟

الذي يقرأ المتن: وعن بن عباس قال: حسبنا الله ونعم الوكيل قالها إبراهيم صلى الله عليه وسلم حين ألقي في النار، وقالها محمد صلى الله عليه وآله وسلم حين قالوا له: ﴿ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّـهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾ ]آل عمران: ١٧٣[.

الشيخ حفظه الله: ﴿حَسْبُنَا اللَّـهُ﴾ يعني كافينا الله. ﴿وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾؛ يعني نعم الوكيل ربنا، فلا يمكن أمن تتعلق وترجو أحدا غيره له صفاتُه، فهو على كل شيء قدير، إذَن هو نعم الوكيل وهو ربك سبحانه وتعالى.

﴿ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ﴾؛ أي الذين توعّدهم الناس فقالوا: كفار قريش جمعوا لكم العسكر والدسكر لغزوكم وقتالكم، وخوفوهم بكثرة العدد والعدة والعداء، فما اكترثوا بذلك بل توكلوا على الله واستعانوا به وحده لا شريك له، ﴿وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّـهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾ ، إيش النتيجة؟

الذي يقرأ المتن: زادتهم إيمانا.

أحد الحاضرين: فانقلبوا..

الشيخ حفظه الله: فانقلبوا بإيش؟

الذي يقرأ المتن: بنعمة الله.

الشيخ حفظه الله: بنعمة الله وفضل لهم يمسسهم؟

الذي يقرأ المتن: سوء.

الشيخ حفظه الله: سوء. كذلك أنت يخوفك إنسان: ترى المدير متوعِّدك، وترى إنسان بِيفعل لك.. وأنت إنسان مشيت في طريقك، فقل: حسبنا الله، وشوف أثرها! فإنه يكفيك لا إله إلا هو كما كفاهم، إذا ترددت وقلت: حسبنا الله وجاء في نفسك: ممكن وممكن! تخذل. لا تشك، لا تشك قلها وأنت متيقن: حسبنا الله. فيحصل لك ما حصل لهم، ما يمسك سوء والله ما يمسك سوء.

نعم، قالها إبراهيم هذه ذكرها البخاري عن بن عباس أن إبراهيم آخر كلمة قيل أو ذكرها: حسبنا الله. أي كافينا سبحانه، ونعم الوكيل ربنا.

قالها لما ألقي في النار، أنظر إلى إبراهيم! والله لو فعلت مثله والله أن الله ينجيك. وفعل بن تيمية.

أولا إبراهيم وهو يلقى بالمنجنيق ليش يرموا إبراهيم بالمنجنيق ليش؟!

الذي يقرأ المتن: كلام غير مسموع.

الشيخ حفظه الله: أول شيء أن النار من وهجها وقوتها ما يستطيعون يقربون مها يرمون إبراهيم يحترقوا، فإيش الحل ليعذبوه العذاب الشديد؟! أوقدوا نارا تلظى نارا شديدة، بحيث أنه يحس الرجل الحرارة منها على أمتار وبحيث أنهم اقتربوا ليرموا إبراهيم ويقتلوه فيها ويحرقوه بها، هم يحترقون، فالحل الوحيد حينئذ أن يربطوا إبراهيم في الآلة هذه الغريبة المنجنيق، فيربطوا بحبل أو يرجعوا يعني المنجنيق إلى أسفل ما يكون، ثم يقذف كما يقذف الحجر عند غزو الأعداء -بالمنجنيق- فإبراهيم يطير في الهواء الآن تستقبله النار ما له مدفَع، بحيث انه ما يبقى في بدنه شيء من لحم ولا عظم الكل يحترق، هو في الهواء قيل أن جبريل جاءه قال لك شيء قال لا ما عندي إلا مع الله حسبنا الله. المهم أنه قال: حسبنا الله ونعم الوكيل، فانقلبت تلك النار إيش؟ بردا وسلاما ﴿ قُلْنا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ﴾ ]الأنبياء: ٦٩[ لأن الله وعد أنه يكفي الإنسان، وعد بردا وسلاما على إبراهيم، وأنجز له وعده، ألم يقل: ﴿وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾ ]الطلاق: ٣[ جربوها والله بيقين ستجدون فائدة: ﴿حَسْبُنَا اللَّـهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾ ]آل عمران: ١٧٣[ الله إنها بيقين، لكن إذا قلت: والله ذاك اليوم قلت حسبنا الله ونعم الوكيل ما شفت شيء! والله إنه جاء مانع من موانع إجابتها، لأنها دعاء، هذا يسمى دعاء عبادة أن تقول: حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيل، ليس دعاء مسألة، دعاء العبادة: إذا ضمَّن دعاء المسألة مثل قول النبي صلى الله عليه وآله وسم: ((الحمد لله أفضل الدعاء )) فأنت تدعو الله دعاء عبادة لما تقول حسبنا الله أسألك يا ألله بما أنك كافيني وتوكلت عليك أن تنقذني. ويتضمن دعاء مسألة حسبنا الله ونِعم الوكيل فأنظر إذا توكلت على الله كيف عملُها؟ والله ليُنقذَنَّك والله لينقذنك والله لينقذنك -سبحانه- تحقيقا.

فهنا إبراهيم قالها في الجو وهو يطير إلى النار ما في فزع في قلبه مطمئن إلى الله، عَمِل عَمَل التوكل، لأن عِلم التوكل عنده، أن الله –سبحانه وتعالى- ما يقوم أحد مثله في إبراد النار عليه و... إلى آخره، ثم اطمأن إلى ذلك وفوض الأمر إليه وقال: حسبنا الله ونعم الوكيل فعمل التوكل عمله. فلما قال هذه الكلمة نزل في النار. فقال: ﴿ قُلْنا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ﴾ ]الأنبياء: ٦٩[، وإنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون، فكانت كذلك بردا وسلاما.

ابن تيمية استوعب هذا، استوعب أنه إذا قال حسبنا الله ونِعم الوكيل وتوكل على الله تحدث أمور كونية وتنقلب الأمور الكونية بحيث تكون خدمة للبشرية بإذن رب البرية. فتواعد مع مبتدعة كانوا يغوون كثيرا من الناس يصبغون أبدانهم بشحوم الضفادع، مادة اخترعوها بحيث لما يدخلوا في النار يقعد مدة ما يحترق لكن المادة تحترق، لكن ما يطول ربما ثم يخرج، ثم يقول ما صار لي شيء، ما صار لي شيء منها، فافتُتِن بهم الناس أنهم من أهل الله وأوليائه وهم مع ذلك يتركون صلاة الجماعة ويفعلون الموبقات، فأغروا الناس.

فقال لهم شيخ الإسلام بن تيمية: شوفو –عند مجلس السلطان- أنا وإياكم ندخل في النار وِلِّي على الحق ينجيه الله، إيه! وتوكل على الله مثل خالد لما تحدى الكفار شرب السم أمامهم وما ضره يقين .

فقال: أدخل أنا وإياكم في النار فمن كان على الحق ينجيه الله، قال: لكن عندي شرط أني أدخل معكم أن تغسلون أبدانكم وثيابكم بالخل حتى يذوب الشحم هذا حق الضفادع وحق ها لبلاوي، فجاء التنفيذ فتقهقروا ما دخلوا النار بعدما غسلوا –نعم- أو قبل أن يغسلوا تقهقروا قالوا لا ما ندخل، ففضحوا وكان عازم يدخل معهم وتوكل على الله أن الله ينجيه مثل إبراهيم. قال: والمتيقن منا الموحد صاحب السنة ستكون عليه النار بردا وسلاما كما كانت على إبراهيم، إيه يقين هذا إي نعم إيه.

فهكذا التوكل فيه مسائل:

أن التوكل من الفرائض.

الثاني: أنه من شروط الإيمان.

الثالث: تفسير آية الأنفال.

الرابع: تفسير الآية في آخرها.

الخامس: تفسير آية الطلاق.

الخامسة: عظم شأن هذه الكلمة التي قالها إبراهيم في الشدائد.

والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد ،،

المصدر:

www.al-sunan.com